كان هناك طريقان أمام دول العالم التى لا تنتمى لأوروبا وأمريكا، للحاق بركب الحضارة والتقدم وردم الفجوة الرهيبة التى أصبحت تتسع يوماً بعد يوم، الطريق الأول أن تضاعف الجهد وتعرف شفرة التقدم وسر هذه السرعة الهائلة فى النمو والإنجاز التكنولوجى، وهذا الطريق ليس له إلا لافتة واحدة واتجاه محدد، وهو طريق العلم الحقيقى، أما الطريق الثانى فهو أن تظل فى مكانك عند خط بداية السباق، تشتم وتشمت فى هؤلاء الذين سبقوك بسنوات ضوئية، مردداً بملل عبارتك الخالدة: «أنا عندى الأخلاق والقيم وهم ماديون، وكل ما اكتشفوه من نظريات علمية قابع عندى فى الكتب القديمة، إن الله قد سخرهم لخدمتى، هم يخترعون وأنا أستهلك، هو فيه راحة وعز أكتر من كده؟!»!!، بالطبع اختارت مصر ومعها العرب الطريق الثانى، واختارت نمور آسيا ومعها إسرائيل الطريق الأول، طريق المنهج العلمى، نظل ندعو كل صلاة على إسرائيل أحفاد القردة والخنازير والذين سيختبئون خلف أشجار الغرقد، وإسرائيل غير عابئة بدعائنا، فجدران معاملها ومختبراتها مبطنة بعازل للصوت يمنع انتقال أدعيتنا وابتهالاتنا!، تعالوا نتعرف على الإعجاز العلمى لأحفاد القرود فى مواجهة عجزنا الذى تخطى كل الحدود، تعالوا نسمع أطباءهم وهم ينجزون أبحاثاً علمية بجد ويتحدثون عن مستقبل أدوية بيولوجية وعقاقير بالهندسة الوراثية، فى مقابل نسبة لا يستهان بها من أطبائنا المشغولين بأبحاث فوائد الحجامة وكيف يشفى الصيام الصدفية والدراسات المقارنة بين بول الإبل والسوفالدى؟!!، سأتحدث فقط عن أبحاث الطب فى شهر ونصف من فبراير 2015 إلى أبريل 2015، أما إنجازات الكمبيوتر والفيزياء والكيمياء فتحتاج منا إلى مجلدات لحصرها، فنحن نتحدث عن بلد صرف 9 مليارات دولار على البحث العلمى فى عام 2008 فقط، وهو ما يمثل أعلى نصيب فرد فى العالم بواقع 1272 دولارا مقارنة بـ 11 دولارا للفرد العربى!، نحن نتحدث عن بلد حصل على 6 نوبل فى الاقتصاد والكيمياء فى مقابل نوبل واحدة عربية فى الكيمياء، نحن نتحدث عن بلد الأول فى مجال إنتاج الأبحاث العلمية بالنسبة لعدد سكانه، فى مقابل مصر التى تحتل المرتبة 129 على العالم!!... إلخ، يكفى هذا وسنتكلم عنه لاحقاً، ولكن إليكم أبحاثهم الطبية فى هذا الشهر والنصف فقط: * فريق بحثى من جامعة بن جوريون يكتشف آلية عمل جين يتحكم فى هجوم الـ ALS أو «مرض التصلب الجانبى الضمورى» على الخلايا العصبية الحركية، مع اكتشاف أيضًا للبروتين MIF الذى يثبط ميكانزيم الجين. * قام فريق من الباحثين فى كلية الطب بالجامعة العبرية بالقدس باكتشاف أثر الفطام المبكر على تقليل الإصابة بمرض السكر، واكتشفت الدراسة أثر تحول النظام الغذائى للطفل من اللبن الغنى بالدهون إلى الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات على تطوير قدرة خلايا بيتا المصنعة لهرمون الأنسولين على تعويض ما يحدث بها من تلف وضرر عند الإصابة بمرض السكرى. * الباحثان رون دزكوفسكى وأمات إبراهام فى كلية الطب بالجامعة العبرية فى القدس يكتشفان الآلية التى تقوم من خلالها مجموعة جينات بتغيير شكل طفيل الملاريا للهرب من الجهاز المناعى للجسم، مما يتسبب فى وفاة مليون شخص سنويا معظمهم من النساء الحوامل والأطفال. * دراسة مشتركة بين معهد ولاية جورجيا للعلوم وجامعة بار إيلان الإسرائيلية تثبت أثر المواد الحافظة والمواد التثبيتية التى تضاف للأطعمة المعلبة فى الإصابة بالتهابات القولون التقرحى والسكر والسمنة. * فريق من العلماء فى معهد وايزمان قام بنشر دراسة فى دورية E Life حول السلوك الإنسانى المتمثل فى (شم راحة اليد بعد المصافحة) ومدى تشاركه مع أنواع معينة من الكلاب، ويقول الدكتور نعوم سوبل، المشرف على البحث، إن هذه الدراسة ربما تتوصل فيما بعد لآلية معينة تساعد فى فهم واستنباط معلومات اجتماعية وسلوكية عن أى شخص بدون معرفة أو تتبع دقيق له «يقصد استخداما مخابراتيا». * مشروع لتطوير نظام مراقبة مبكر يحاول التنبؤ بالأزمات القلبية قبل حدوثها بوقت كاف، وبالتالى منعها. * دراسة تطوير روبوتات نانو قادرة على حقن عقاقير معينة فى كل خلية مصابة بسرطان، كل خلية بمفردها، أو صناعة شبكة بصرية كاملة للمكفوفين تعيد إليهم بصرهم! * والمدهش أنه فى نفس الشهر والنصف قرأنا هذا الخبر «ميكروسوفت إسرائيل تفتح مركزها الجديد للأبحاث والتطوير فى حيفا على مساحة 7.500 متر مربع». هل مازلتم تظنون أنكم ستنتصرون على هؤلاء القرود بالدعاء والرقية والأحجبة والبخور؟!